خبر صحفي
مشهد صيد اللؤلؤ في "سرد المكان".. رحلة إلى أعماق البحر برفقة الموسيقى والفن
ضمن مشاهد تحتفي بتاريخ ومنجزات الإمارة
وسط تدافع الأمواج، كان الأجداد يبحرون من شواطئ الشارقة إلى مسافات بعيدة، وكانوا ينطلقون بقواربهم الخشبية المخصصة لصيد اللؤلؤ، ترافقهم عدة الغوص والأهازيج والأغاني ونوارس البحر والحنين إلى البر، وتصحبهم الآمال بالرزق الوفير ودعوات الأهالي لهم بأن يعودوا إليهم سالمين غانمين.
هذه عبارات ترسم إحدى اللوحات التراثية التي نقلها العرض الفني "سرد المكان"، الذي يتواصل تقديمه على مسرح المجاز في الشارقة أيام 28 و29 يناير الجاري، ويجسد بإحدى عشرة مشهداً فنياً ومسرحياً منجزات وسيرة إمارة الشارقة، احتفاءً بالذكرى الخمسين لتولي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لمقاليد الحكم في الإمارة.
وفي واحدة من مشاهده، قدم العرض صورة بانورامية بالصوت والصورة والأداء المسرحي أمام الجمهور جسد فيها رحلة صيد اللؤلؤ، حيث أخذهم إلى أعماق البحر، على أنغام واحدة من الأغاني التي تجسد مشاعر من ينتظرون الغائبين، تقول: "يا ليـــل يا ماخذ حبيب القلـــب .. يكفيني عذابَ ســـافر واخذ قلبي وأنا والشـــوق عذبنا الغياب روحي على شـــاطي البحر ترقـــب عيوني رجعته ّ.. يمكن تجيبـــه موجتـــه .. وإلا يرجعـــه العتاب".
يحكي مشهد قارب صيد اللؤلؤ في العرض قصة الرجال الذين كانوا يذهبون في رحلة الصيد، والتي أصبحت حكاية تروى للأحفاد لتصف مغامرات الأجداد وبراعتهم في الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، وهذا المشهد يضع الجمهور، والأجيال الجديدة خاصةً، أمام فرصة البحث والتعرف من جديد عن تقاليد هذه المهنة العريقة التي ظلت سائدةً ومرتبطةً بتاريخ الشارقة ومجتمع الإمارات عامة منذ آلاف السنين.
لم يكن صيد اللؤلؤ مهنة سهلة أو صالحة لكل الأوقات، بل كانت لها مواسمها ومنها "موسم الغوص الكبير" الذي يبدأ من 1 يونيو إلى 30 سبتمبر، لأن الطقس يكون خلاله هادئاً وصافياً، إضافة لمواسم شهرية قصيرة في أكتوبر ونوفمبر من كل عام.
وكانت هذه المهنة، التي انقرضت مع ظهور اللؤلؤ الصناعي في منتصف القرن العشرين، تتطلب جهداً جماعياً كبيراً لنجاح رحلة الغوص، وتتعدد فيها ألقاب البحارة فهناك النوخذة، وهو الذي يقود الرحلة ويصدر تعليماته لطاقم سفينة الغوص، الذي كان عددهم في سفن الغوص الكبيرة يصل إلى 30 شخصاً.
أما الشخص الذي يلي النوخذة فيدعى السردال، وهو ربان السفينة، ويليه الغوّاص الذي يقوم باستخراج المحار من قاع البحر، ويعاونه السيب وهو المسؤول عن حبال إنزال الغواصين وسحبهم عند إرسال الإشارة، وهناك التبّاب، ويمكن أن يكون ممن تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عاماً، ومهمته مساعدة السيب في سحب الغواص.
وأخيراً لا يمكن لسفينة الغوص الإبحار من دون النهام، وهو المسؤول عن تسلية البحارة خلال رحلة الغوص الطويلة، لأن الغناء والأهازيج البحرية تصبح تسلية مطلوبة لتحفيز البحارة وبعث الحماس في نفوسهم لتحمل عناء الرحلة وأيامها، إن لم تكن شهورها الممتدة.
وتحظى أدوات صيد اللؤلؤ بالتوثيق والعرض في معارض ومتاحف التراث المتخصصة في إمارة الشارقة، من أبرزها "متحف الشارقة البحري" الذي تأسس في العام، ليفتح المجال أمام الأجيال الحالية للاطلاع على تلك الأدوات والتعرف على مسمياتها ومنها (الديين) المصنوع من خيوط متشابكة والذي يعلقه الغواص حول رقبته أثناء جمع المحار ليضعه فيه، والزبيل وهو الحبل المتصل بالحجر الذي يربطه الغواص بساقه ليسمح له بالغوص سريعاً إلى قاع البحر وغيرها من الأدوات.
ومن أدوات الغوص أيضا (اليدا) وهي تسمية الحبل الذي يسحب به السيب الغواص، أما أنواع سفن الغوص ومسمياتها فتتنوع بين (الجالبوت) ويبلغ طولها بين 20 و30 قدماً، و(السنبوك) التي يبلغ طولها 60 قدماً، وسفينة (البتيل) التي تحمل ما بين 20 و50 طناً وتستعمل في رحلات استخراج اللؤلؤ.